القلق أثناء الحمل
من الطبيعي جداً أن يزداد قلقك قليلاً أثناء الحمل، سواء كان هذا هو طفلك الأول أو كنت تضيفين طفلاً جديداً إلى عائلتك، فإن حياتك على وشك أن تتغير بشكل كبير بطرق لا يمكنك التحكم بها. يمكن للتغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الحمل أيضاً أن تفسد مشاعرك، مما يجعلك أكثر عرضة للقلق.
لذلك من الطبيعي أن تشعري بالقلق أكثر من المعتاد، ولكن إذا بدأ القلق والخوف بالسيطرة عليك، فقد حان الوقت للحصول على المساعدة. إليك ما تحتاجين إلى معرفته.
ما هو اضطراب القلق؟
اضطراب القلق هو حالة تجعلك تشعرين بالقلق أو الخوف في كثير من الأحيان. يعد القلق والخوف استجابات طبيعية لمواقف معينة، ولكن إذا كنت تعانين من اضطراب القلق، فإن مشاعرك تكون أقوى بكثير مما يشعر به معظم الناس في نفس الموقف. يمكن أن يسبب اضطراب القلق أيضاً أعراضاً جسدية، مثل التعرق أو الارتجاف أو خفقان القلب.
يعد القلق أكثر مشاكل الصحة النفسية شيوعاً، خاصة لدى النساء، إذ تشير التقديرات إلى أنهن أكثر عرضة للإصابة باضطراب القلق بنسبة 60 في المائة من الرجال ويكون ذلك طوال حياتهن. أظهرت العديد من الدراسات أن العديد من النساء يعانين من القلق أثناء الحمل، إلا أنه من الصعب تحديد مدى اضطرابات القلق الشائعة لديهن.
هناك العديد من أنواع القلق المختلفة، وليس غريباً أن يكون لديك أكثر من اضطراب واحد في نفس الوقت، فغالباً ما تتزامن اضطرابات القلق مع مشكلات الصحة النفسية الأخرى، مثل الاكتئاب. إنّ ما يقرب من نصف النساء اللائي يصبن باكتئاب ما بعد الولادة يبدأن في ملاحظة العلامات الأولى له أثناء الحمل.
تتضمن بعض اضطرابات القلق الأكثر شيوعاً ما يلي:
اضطراب القلق العام (GAD):
إذا كنت قلقة كثيراً بشأن المواقف اليومية التي يبدو أن هناك أشخاصاً آخرون يمرون بها بشكل عادي، فقد تكوني مضطربة بشكل عام. قد تجعلك الإصابة باضطراب القلق العام تشعرين بالخوف والعصبية أو أن تكوني غير قادرة على التركيز. قد تعانين أيضاً من توتر في عضلاتك وتجدين صعوبة في النوم، حتى عندما تكونين متعبة، وقد تقلقين بشأن المستقبل وتجدين صعوبة في التحكم بهذه الأفكار.
اضطراب الهلع:
تعتبر نوبات الهلع المتكررة التي تحدث فجأة دون سبب واضح علامة على اضطراب الهلع. نوبات الهلع هي شعور حاد بالخوف الشديد وعادة ما يكون مصحوباً بأعراض جسدية قد تشمل خفقان القلب أو التعرق أو الارتجاف أو الغثيان.
يمكن أن يقلق الأشخاص الذين يعانون من نوبات الهلع في بعض الأحيان من أنهم سيموتون، لذلك فإن نوبات الهلع مخيفة جداً.
يمكن أن يزداد اضطراب الهلع سوءاً أثناء الحمل، إذ يزداد خطر حدوث نوبات هلع في فترة ما بعد الولادة، على الرغم من أن هذا لا يحدث لكل النساء.
الرهاب:
الرهاب هو شعور بالخوف الشديد أو القلق الشديد بشأن شيء معين أو موقف معين. يرتبط الرهاب في بعض الأحيان بشيء ينطوي على القليل من الخطر، مثل الطيران أو المرتفعات، لكن الخوف لا يتناسب مع أي خطر حقيقي. يبذل الأشخاص الذين يعانون من الرهاب قصارى جهدهم لتجنب الشيء الذي يخشونه.
لا تعتبر بعض الحالات اضطراب قلق حقيقي ولكن يمكن أن تسبب أعراض القلق. وهذا يشمل:
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD):
يمكن أن تؤدي تجربة أو مشاهدة شيء مؤلم للغاية، مثل العنف أو الاعتداء الجنسي، إلى شعور قوي بالقلق. يمكن أن تسبب اضطرابات ما بعد الصدمة باسترجاع ذكريات الماضي أو كوابيس تشعرك وكأنك تسترجعين الحدث المؤلم.
قد يحدث اضطراب ما بعد الصدمة بسبب فقدان الطفل أثناء الحمل أو التعرض لصدمة طارئة مؤلمة، وقد يكون الحمل والولادة اللاحقان أمرين بالغي الصعوبة بالنسبة للنساء اللاتي تعانين من اضطراب ما بعد الصدمة لأنه يعيد لهن الشعور بالعجز والخوف.
اضطراب الوسواس القهري (OCD):
يمكن للمرأة المصابة باضطراب الوسواس القهري أن تمر بتجربة سلوك الوسوسة أو السلوك القهري، أو كليهما معاً.
الهواجس هي التفكير بأفكار غير مرغوب فيها أو الحث على القيام بالأمور مراراً وتكراراً. الوسواس القهري هي عادات أو طقوس عقلية لمنع هاجس أو خوف معين من الحدوث. قد يخفف الوسواس القهري من القلق بشكل مؤقت، لكن الخوف يعود سريعاً ويبدأ من جديد.
ليس من غير المعتاد المعاناة من الوسواس القهري لأول مرة في الحمل، وقد تتفاقم الأعراض بعد ولادة طفلك.
حالات صحية أخرى:
في حالات نادرة، يمكن أن يحدث القلق بسبب حالات صحية أخرى، فعلى سبيل المثال، فرط نشاط الغدة الدرقية وأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي تؤدي في بعض الأحيان إلى القلق. قد يقوم الطبيب بإجراء بعد الفحوصات لاستبعاد أي أمراض أخرى تسبب القلق، وإذا كانت الفحوصات سلبية لأي مرض آخر، فمن المحتمل أن يتم تحويلك إلى أخصائي في علم النفس أو طبيب نفسي لتقييم إضافي.
كيف أعرف إذا ما كان قلقي مشكلة؟
قد تقلقين بشأن صحة طفلك أو الوضع المادي لأسرتك أو ما إذا كنت ستصبحين أماً جيدة أم لا. قد يكون من الصعب التخلص من الخوف بأن تسوء الأمور خاصة إذا كنت قد مررت بحمل أو ولادة صعبين في قت سابق.
يصبح القلق مشكلة عندما تكون المشاعر التي تواجهينها قوية جداً ولا تختفي أو تبدأ بالتأثير على حياتك اليومية. إذا كانت أفكارك تمنعك من القيام بأشياء عادة ما كنت تفعلينها، فقد يكون ذلك علامة على وجود اضطراب قلق لديك.
كيف يمكن أن يؤثر القلق على حملي وطفلي؟
لم يتم إجراء الكثير من الأبحاث حول اضطراب القلق أثناء الحمل، وكانت النتائج غير حاسمة، لذلك من الصعب الإقرار بأن له أي تأثير. قد تكون النساء المصابات بالقلق أثناء الحمل أكثر عرضة لحدوث الولادة المبكرة، ولكن ليس هناك ما يثبت ذلك.
تشير بعض الأبحاث أيضاً إلى أن أطفال الأمهات الذين عانوا من القلق أثناء الحمل قد يكونون أبطأ في النمو في سنوات عمرهم الأولى.
ماذا يمكنني أن أفعل للتعامل مع اضطراب القلق؟
قد يكون القلق المستمر مرهقاً، قومي بالبحث عن استراتيجيات لمواجهة اضطراب القلق والتي يمكنك القيام بها بنفسك، بالإضافة إلى الحصول على المساعدة من مقدم الرعاية الصحية النفسية. إليك بعض الأفكار:
اعتني بنفسك
تأكدي من تلبية الاحتياجات الأساسية الخاصة بك من خلال تناول طعام جيد وممارسة بعض التمارين الخفيفة، والحصول على الراحة بقدر الإمكان. سوف يساعدك هذا كثيراً في التحكم بقلقك.
جربي اليوغا
فهناك بعض الأدلة تثبت أن اليوغا تساعدك على الاسترخاء وتقليل مشاعر القلق لديك. حاولي العثور على صف يوغا خاص بالنساء الحاومل.
قومي بمشاركة المشاعر
قومي بإخبار أي شخص تثقين به كيف تشعرين، يمكنك التحدث مع زوجك، أو الاتصال بصديق متعاطف أو الدردشة مع الأمهات الأخريات في مجتمع مؤسسة بيبي سنتر.
احصلي على قسط من الراحة
قد لا تتمكني من النوم جيداً، ولكن حاولي الراحة أو قومي بأخذ فترات من الراحة خلال اليوم، حتى لو كنت قد قرأت للتو مجلة أو شاهدت التلفاز. يحتاج جسمك إلى الكثير من الراحة عندما تشعرين بتوتر شديد.
ممارسة التمارين الرياضية
تعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أمراً مفيداً لرفاهيتك بشكل عام، وتحفز الدماغ أيضاً على إطلاق هرمونات قد تخفف من مشاعر القلق والاكتئاب لديك.
ما هو علاج اضطراب القلق أثناء الحمل؟
يعتمد علاج اضطراب القلق على نوع القلق الذي تعانين منه. يعد العلاج بالتحدث العلاج الأول لاضطراب القلق، وقد تحتاجين أيضاً إلى دواء إذا كان العلاج بالتحدث وحده لا يجدي نفعاً، أو إذا كان القلق لديك شديداً.
العلاج بالتحدث
يمكن أن يساعدك التحدث مع شخص ما على الشعور بالتحسن في بعض الأحيان. يمكن للطبيب أن يحيلك إلى أخصائي في علم النفس أو طبيب نفسي متخصص في صحة المرأة إذا لزم الأمر.
من الصعب مناقشة مخاوفك العميقة مع أحد، خاصة إذا كنت تقلقين بشأن ما قد يفكر فيه الآخرون حيالك، لكن حاولي أن تكوني صادقة قدر الإمكان مع معالجك حول ما تشعرين.
قد يقترح الطبيب نوعاً من العلاج الحديث يعرف باسم العلاج السلوكي المعرفي (CBT). العلاج السلوكي المعرفي فعال في علاج اضطرابات القلق لأنه يعلمك طرقاً جديدة للتفكير والتفاعل والتصرف في المواقف العصيبة.
باتباع العلاج السلوكي المعرفي، ستناقشين مع معالجك أفكارك وعواطفك وردود أفعالك على مواقف افتراضية أو حقيقية. سيشير المعالج إلى أي أنماط تفكير أو سلوك غير مفيدة وسيعمل معك للتعرف عليها ويعلمك كيفية الرد بطريقة مختلفة.
العلاج بالأعشاب
الكافا هي نباتات عُرفت باستخدام جذورها لتخفيف القلق، لكنها ليست آمنة للاستخدام: إذ تم ربط حدوث تلف الكبد بنبات الكافا، ويمكن له أن يضعف عضلات الرحم أثناء الحمل.
يُفضل تجنب جميع العلاجات العشبية أثناء الحمل ما لم يقترح مقدم الرعاية الخاص بك ذلك. هناك القليل فقط من الأبحاث حول سلامة استخدام العلاجات العشبية، وخاصة أثناء الحمل. العلاجات العشبية غير منظمة في الغالب، ولا تحتوي على المكونات التي يقال أنها تحتوي عليها في كثير من الأحيان.
الأدوية
تنتقل أدوية القلق عبر المشيمة، لذلك سيكون الطبيب حذراً بشأن وصف أي أدوية أثناء الحمل. تناول أي دواء أثناء الحمل ينطوي عليه بعض المخاطر – والتي قد يكون من الصعب بشكل خاص التعامل معها عندما تشعرين بالقلق.
سيقوم طبيبك بتقييم المخاطر المتوقع حدوثها مع فوائد تناول أي دواء. قد يكون من الآمن تناول الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية في الحالات المعقدة التي تنطوي على حالات أخرى (مثل الاكتئاب)، أو عندما لا ينجح العلاج بالتحدث.
ناقشي إيجابيات وسلبيات أي دواء مع الطبيب، لتحديد الدواء والجرعة المناسبة إذا كان الدواء هو الخيار الصحيح بالنسبة لك. إذا كنت تتناولين دواءً بالفعل، فلا تتوقفي عن تناوله دون التحدث إلى الطبيب أولاً، إذ قد يؤدي وقف الدواء فجأة إلى الانتكاس أو التسبب في آثار جانبية.
ما هي الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب القلق؟
تشمل أنواع الأدوية المستخدمة غالباً لعلاج اضطرابات القلق ما يلي:
مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية
القلق مثل الاكتئاب، فعادة ما يتم علاج القلق أثناء الحمل بأدوية تسمى مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، والتي تعتبر المخاطر المرتبطة بتناولها أثناء الحمل قليلة. مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية الشائعة لعلاج القلق هي:
فلوكستين
سيرترالين
سيتالوبرام
الباروكستين
البنزوديازيبينات
تتناول بعض النساء الحوامل البنزوديازيبينات للسيطرة على القلق الشديد أو نوبات الهلع، لكن هذه الأدوية ارتبطت بحدوث عيوب خلقية لدى عدد صغير من أطفال النساء الحوامل. يمكن أن يسبب تناول البنزوديازيبينات بالقرب من الولادة أيضاً مشاكل للطفل بعد الولادة، بما في ذلك أعراض الانسحاب، وصعوبة التنفس ومشاكل في التغذية.
إذا كنت تتناولين البنزوديازيبين في الوقت الحالي، فقد يحاول الطبيب تقليل الجرعة تدريجياً أو تغيير الدواء بعد أن أصبحت حاملاً لتقليل الخطر على طفلك.
سيقوم طبيبك بمراقبة تقدمك في الحمل عن كثب طوال فترة الحمل وبعد ولادة طفلك للتأكد من أنك بصحة جيدة، وذلك سواء أستمررت في تناول الجرعة المعتادة من الدواء أو قمت بتقليلها.
إذا شعرت في أي وقت بعدم قدرتك على التأقلم أو لديك أفكار حول إيذاء نفسك، فقومي بالاتصال بالطبيب على الفور.