اكتئاب ما بعد الولادة
قد يتسبب الإنجاب في تغيير حياتك وقلبها رأساً على عقب، فبغض النظر عن مدى سعادتك بطفلك الرائع، لكن التغير في الهرمونات وقلة النوم قد تجعلاك تشعرين بالتعاسة.
تشعر الكثير من الأمهات بالإرهاق ورغبة أقل تجاه هذه المرحلة الجديدة من الحياة بعد فترة وجيزة من الولادة – والمعاناة من الإحباط، ويتطور إلى ما يعرف باسم اكتئاب ما بعد الولادة (PPD). يحدث اكتئاب ما بعد الولادة لواحدة من بين كل تسع أمهات. يصعب في بعض الأحيان معرفة ما إذا كنت مصابة باكتئاب ما بعد الولادة أم لا، وبالتالي التأخر في الحصول على المساعدة الضرورية لك ولطفلك.
هل أنت في خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة؟
تجعل بعض العوامل النساء عرضة لخطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، وحتى مع ذلك، لا يعني هذا أنك ستصابين باكتئاب ما بعد الولادة، وقد تصاب بعض النساء باكتئاب ما بعد الولادة دون وجود هذه العوامل:
• سجل شخصي أو عائلي للاكتئاب أو الاكتئاب أثناء الحمل أو اضطراب الشخصية الحدية أو اضطراب الدورة الشهرية الحاد أو الاضطراب الثنائي القطب أو غيره من الأمراض العقلية
• الأحداث المجهدة خلال سنة من الولادة (مثل المرض أو فقدان الوظيفة أو وفاة أحد أفراد الأسرة)
• حدوث مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة
• مشاكل مالية أو في العلاقة الزوجية
• دعم اجتماعي ضئيل أو معدوم
• رعاية طفل مصاب بأمراض مزمنة
• إنجاب طفل قبل الأوان
• إنجاب طفل تم نقله إلى المستشفى
• ولادة التوائم (توأم أو ثلاثة توائم)
كيف يتم تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة
توصي فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية في الولايات المتحدة (USPSTF) بالكشف عن الاكتئاب لدى جميع النساء الحوامل وما بعد الولادة.
سوف يقوم الطبيب بطرح أسئلة حول ما تعانيه وتشعري به ويقوم بإجراء التشخيص بناءً على الأعراض. قد يقترح الطبيب الاختبار لاستبعاد المشكلات الأخرى إذا كان يشك في أنها قد تسبب في ظهور الأعراض لديك، على سبيل المثال، قد تخضعين لإجراء اختبار الغدة الدرقية، لأن الاختلاف في مستويات هرمون الغدة الدرقية يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار العاطفي.
الإحباط و اكتئاب ما بعد الولادة، ما الفرق ؟
على الرغم من أن الإحباط واكتئاب ما بعد الولادة يستخدمان بالتبادل للتعبير عن نفي الشيء، إلا أن هناك ظرفان مختلفان بينهما.
الإحباط طبيعي وأمر شائع جداً، حيث يعاني منه ما يتراوح بين 70 و 80 بالمائة من الأمهات الجدد. تشعر النساء بعد الولادة بحاجتها للبكاء، وتعكر المزاج والإرهاق والقلق، كما يواجهن صعوبة في النوم. عادة ما يبدأ الإحباط خلال بضعة أيام بعد الولادة ويستمر لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
ما هي مسببات اكتئاب ما بعد الولادة PPD؟
السبب الدقيق لاكتئاب ما بعد الولادة غير معروف، على الرغم من أنه يعتقد أن التغيرات الهرمونية التي تحدث بعد الولادة قد تؤدي إلى ظهور الأعراض. قد تلعب العديد من اضطرابات الحياة الكبيرة الأخرى دوراً أيضاً، كالشعور بالارتباك مع الطفل حديث الولادة وقلة النوم والرؤية غير الواقعية للأمومة والإجهاد الناجم عن التغيرات في روتينك في المنزل والعمل، والشعور بأنك أقل جاذبية وتكافحي من جديد للعثور على نفسك.
التعرف على أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
قد تكون محاولة معرفة ما إذا كانت مصابة بالإحباط أو اكتئاب ما بعد الولادة صعباً، فقد لا تعتقدي أنك مصابة باكتئاب ما بعد الولادة على الرغم من أنك قد تعرف شيئاً ما. قد يعتقد الناس وبمجردسماع كلمة اكتئاب، أن لديك أفكاراً حول إيذاء نفسك، وقد تعتقدين أنك لست مصابة باكتئاب ما بعد الولادة إذا لم تشعري بذلك، لكن كل حالات الاكتئاب، بما في ذلك اكتئاب ما بعد الولادة، لا يتضمن بالضرورة أفكاراً حول إيذاء النفس أو الانتحار. يمكن أن تشمل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة PPD:
• البكاء
• التهيج
• اضطراب في النوم (إما عدم القدرة على النوم أو الرغبة في النوم طوال اليوم)
• مشاكل الأكل (لا توجد شهية أو مفرطة)
• استمرار مشاعر الحزن واليأس أو العجز
• القلق الشديد
• مشاكل في أداء المهام في المنزل أو العمل
• فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنت تستمتعين بها
• العزلة الاجتماعية – الشعور بالانسحاب أو عدم التواصل
• الشعور بانعدام القيمة وكونك أماً سيئة
• عدم القدرة على رعاية نفسك أو طفلك
• هوس الأفكار حول صحة طفلك
• الشعور بمشاعر سلبية تجاه طفلك أو الاهتمام به
• الخوف من البقاء وحيدة مع طفلك
حتى لو رأيت هذه الأعراض في نفسك، فإن أحد أعراض الاكتئاب هي الشك الذاتي – لذا يمكنك أن تسألي عما إذا كانت مشاعرك مرتبطة بالإجهاد أو الإحباط أو اكتئاب ما بعد الولادة أو التعب ببساطة بسبب الأمومة الجديدة. قد تشعرين بالذنب أو الحرج حيال عدم الشعور بالسعادة بعد ولادة طفلك، وتخشين أن يكون خطأك بطريقة ما وسيحكم عليه الآخرون.
فلتعلمي أن اكتئاب ما بعد الولادة ليس خطأك أبداً. يمكن أن يحدث لأي أم، وهذا ليس بسبب شيء قمت به أو لا، فمعظم الناس يفهمون هذا وهم عطوفون وليس قضائيون.
هل تخشين من التواصل للحصول على المساعدة لأنك تخشين أن يتم نقل طفلك بعيداً عنك؟ ليس هذا هدفاً لممارس الرعاية الصحية أو غيره، إنهم فقط يحاولون التركيز على حصولك على المساعدة التي تحتاجينها حتى تكوني قادرة على رعاية نفسك وطفلك.
أهمية علاج اكتئاب ما بعد الولادة
إذا كنت تعتقدين أنك مصابة باكتئاب ما بعد الولادة، فمن المهم التحدث عن ذلك مع شريك حياتك وطبيبك، إذ قد يستمر لأشهر أو سنوات إذا ما لم يم علاجه وسيؤثر على علاقتك بطفلك وغيره.
قد يتسبب عدم علاج اكتئاب ما بعد الولادة في حدوث تأخير لغوي للطفل وزيادة في البكاء ومشاكل في السلوك، وتشمل المضاعفات المحتملة له على المدى الطويل إن لم يتم علاجه التعرض لخطر إيذاء نفسك أو طفلك.
لذلك من المهم للغاية طلب المساعدة بدلاً من محاولة الانتظار أو التعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة بنفسك. إذا كنت تعاني من أعراض خطيرة لأكثر من بضعة أيام، فأنت بحاجة للمساعدة، لا تنتظري حتى تتأكدي من إصابتك به أم لا، ولا تقلقي فهناك العديد من خيارات العلاج الآمنة والفعالة.
أدوية PPD
علاج اكتئاب ما بعد الولادة :
بمجرد قيام الطبيب بتشخيص إصابتك باكتئاب ما بعد الولادة، قد يقترح عليك أدوية لتخفيف الأعراض والعلاج، مع العلاج النفسي إن لزم الأمر
تساعد الأدوية المضادة للاكتئاب، في تحقيق التوازن بين المواد الكيميائية في عقلك التي تتحكم في مزاجك. ويتضمن الخياران الأكثر شيوعاً ما يلي:
• مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ، مثل Zoloft أو Paxil، وعادة ما تكون الخيار الأول للأدوية.
• يمكن وصف الأدوية المضادة للاكتئاب ثلاثية الحلقات (TCA)، مثل Elavil أو Tofranil، إذا لم تنجح مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRIs.
قد يستغرق الأمر بضعة أسابيع بمجرد البدء في تناول مضادات الاكتئاب، قبل أن تبدأي في الشعور بالتحسن. كما هو الحال مع جميع الأدوية، قد تسبب مضادات الاكتئاب آثاراً جانبية – رغم أنها عادةً ما تكون مؤقتة وتزول بعد وقت قصير.
إذا كنت ترضعين طفلك رضاعة طبيعية، فمن المحتمل أن تؤثر إحدى هذه الأدوية على طفلك، يمكنك استخدام بعضها أثناء الرضاعة الطبيعية، في حين لا ينبغي تناول بعضها الآخر أثناء ذلك، لذلك تحدثي مع طبيبك حتى تتمكنا معاً من العثور على مضادات الاكتئاب التي تحتمل خطراً ضئيلاً من الآثار الجانبية لطفلك.
لا يعني تناول الدواء أنك ستحتاجين إليه طوال بقية حياتك، فعادةً ما يختفي اكتئاب ما بعد الولادة في غضون ستة أشهر إلى سنة مع العلاج.
علاجات أخرى لاكتئاب ما بعد الولادة
قد يوصي طبيبك أيضاً بواحد أو أكثر من علاجات اكتئاب ما بعد الولادة التالية:
-
العلاج السلوكي المعرفي أو “العلاج بالتحدث”:
ستلتقين خلاله بطبيب نفساني أو أخصائي نفسي أو معالج أو غيره من أطباء الصحة العقلية الذين يمكنهم مساعدتك في حل المشكلات والتعامل مع مشاعرك.
-
العلاج بالضوء
لقد ثبت أن العلاج بالضوء الساطع يقلل من أعراض الاكتئاب، على الرغم من أن الخبراء يقولون إن بعض النتائج متضاربة وهناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث. ستجلسين فاتحة عينيك أمام صندوق يحاكي ضوء النهار، مما يتسبب في تغيير كيميائي حيوي إيجابي يمكن أن يساعد في تخفيف الأعراض.
-
علاج الوخز بالإبر
تشير بعض الأبحاث إلى أن الوخز بالإبر يمكن أن يساعد في تقليل أعراض الاكتئاب.
-
مجموعات الدعم
هناك الكثير من مجموعات دعم اكتئاب ما بعد الولادة المنتشرة عبر الإنترنت وربما في منطقة قريبة منك. قد يساعدك التحدث مع الآخرين الذين يعانون من نفس الشيء على تقليل شعورك بالوحدة، وقد تتلقين النصائح التي قد تساعدك في التعامل بشكل أفضل مع أعراضك ومشاعرك. ولكن على الرغم من أن مجموعات الدعم يمكن أن تكون مفيدة، إلا أنها يجب ألا تحل محل العلاج أو التحدث.